شبح الامتحان ….: مقاربة في الأهمية والحلول


اعروي ستار

نزولا عند رغبة الطلاب الملحة ــ بالخصوص في هذه الفترة الحرجة التي يُقبل فيها جميع الطلبة، في مختلف الأسلاك والتخصصات، على الامتحانات الإشهادية التي سيتم الشروع فيه خلال شهر يونيو الذي يشرئب إليه الجميع ـ ولكن بنوع من القلق والاضطراب، أحيانا، والارتباك وفقدان الثقة في أحيان كثيرة ــ ارتأيت أن أطرح للنقاش هذا الموضوع الحساس والخطير، سيما وأن الحديث عن الامتحانات أصبح شغل الشاغل لدى الأسر التي تحمل هموم الأبناء، فضلا عن الأبناء/ الطلاب أنفسهم الذين أصبح موضوع الامتحان لديهم بمثابة علكة لا تفارق أفواههم، وشبحا يقض مضحعهم!

أما عن الأهمية التي يتبوأها هذا الموضوع البالغ الأهمية فقد أصبحت من المسلمات والبدهيات التي لا يختلف فيها اثنان ولا ينتطح فيه عنزان!

لكن، مع ذلك ـ وبعجالة ـ أعرج على جوانب هامة ذات صلة وثيقة بالموضوع تذكيرا بالأهمية القصوى التي يحظى بها موضوع الامتحان. ولعل أبرز تلك الجوانب ما يلي:

1.الامتحان مفتاح يمَكَّن منه الجميع، وبشكل عادل، للدخول إلى خزينة المحصلة السنوية النهائية التي ظل يراكمها من بداية الموسم الدراسي.

2.إنه فرصة للتعبير عن الذات المعرفية والمهارية والوجدانية، وتقييم الكفايات التي ظل بناؤها مستمرا طيلة السنة الدراسية.
3.إنه فرصة أيضا لإعادة الاعتبار للأسرة التي ظلت تكابد الويلات، وبجميع أنواعها وألوانها، طيلة الموسم الدراسي.

4.بالامتحان أيضا تُقَرُّ عيونُ المربين من السادة الأساتذة الذين أخلصوا في أداء رسالتهم، وتفانوا في إبداع الأساليب التربوية، رغبة منهم في تبسيط المعرفة ولَيِّ أعناقها المستعصية على الفئات المستهدفة من المتعلمين والطلاب؛ أي قصد نقلها من المعرفة العالمة إلى المعرفة المتَعلَّمة التي تصبح راغمة، بعد الأنفة، وفي متناول الجميع؛ حيث تنقل، ديداكتيكيا، من الميتامعرفة إلا المعرفة العادية.

5.بفضل الامتحان أيضا يثلج صدر الطالب/ الطالبة المجد/ة الذي آل على نفسه أن يحرمها لذة النوم الكاملة، ولذة الفرجة الممتعة، رغبة في تحصيل العلم والمعرفة.

6.بالامتحان ، أخيرا، تتشرف المؤسسات التربوية، والوزارة الوصية عن قطاع التربية والتعليم، في جميع الأقطار والأمصار التي تسعى دوما، وبخطى حثيثة، نحو بناء هذا الإنسان، وإعداد الجيل الصالح المصلح الذي سيسهم بحق في تنمية وطنه وأمته!

ونظرا لهذه الأهمية التي يكتسيها موضوع الامتحان…، ونظرا أيضا أن طلابنا مقبلون على الامتحانات…، فإنني لن أبخل على الطلاب المقبلين على اجتياز جميع الامتحانات الإشهادية، بما فيها امتحانات الباكالوريا التي ستجرى في المغرب أيام 21/22/23 من شهر يونيو، وكذا جميع الطلاب المقبلين على هذه الامتحانات، وغيرها في الأقطار العربية الشقيقة، سيما وأن العديد منهم من قراء مجلة عود الند .

لذلك أقدم لجميع الطلبة، ولقراء مجلة عود الند بالخصوص عصارة ما قرأته وأقره منذ المرحلة الطلابية في هذا المجال، سواء من منظور تربوي، أو نفسي، أو طبي، من جهة؛ ومن جهة ثانية، لن أبخل على طلابي الأعزاء في جميع الأقطار العربية بتجربتي المتواضعة في كيفة الاستعداد للامتحانات.

وفي تقديري، حسب التجربة المتواضعة، أن أكبر مشكل يؤرق الطلاب في هذه الفترة بالذات يكمن فيما يلي:

1.التشتت الذهني وعدم التركيز.
2.عدم القدرة على التحكم في تدبير الوقت.
3.غياب منهج معتمد لدى الطلاب المقبلين على الامتحانات.
4.عدم التخطيط والبرمجة للمواد الدراسية، تبعا لأهميتها أو صعوبتها، مما يعرض معظم الطلاب إلى الارتجال والفوضى.

نصائح وتجيهات عامة لكل طالب أو طالبة مقبل/ة على الامتحان:

1.النوم المبكر، والاستيقاظ باكرا؛ فالنوم المبكر فرصة لراحة الجسم بعد الكد والعناء، والبكور مجال للتركيز وقوة الاستيعاب. وقد ثبت علميا أن استنشاق الهوى قبيل طلوع الشمس مفيد جدا للذاكرة والجسم عموما. وفي الحديث النبوي الشريف:” بورك لأمتي في بواكيرها”. وحظ طالب العلم من هذه البركة المشار إليها في الحديث، قوة الذاكرة والحفظ، والفهم.

2.الغذاء المتوازن؛ مع الاعتدال في تناول الوجبات الغنية بالنشويات والسكريات والفيتامينات والبروتيدات، مع الإكثار من السوائل؛ كالحليب، والعصائر الطبيعية، والخضر والفواكه…).

3.البعد ما أمكن عن المنشطات والمنبهات التي يلجأ إليها البعض أثناء فترة الاستعداد للامتحانات.

4.إحداث قطيعة تامة مع كل ما من شأنه أن يحدث تشويشا على الطالب، أو يؤثر سلبا على قوة التركيز، مثل: التلفاز، الهاتف، الإنترنت، الألعاب، وجميع المسليات…إلخ.
     5.الاعتياد على المكان المناسب للمراجعة؛ ومكان المراجعة يختلف حسب طبيعة الطلاب؛ إذا كنت من الصنف الذي لا يركز ويستوعب إلا في الهدوء التام، فيستحسن أن تختلي في مكان خاص بك، كالبيت مثلا بحيث تكون/ني في منئا عن كل مشوش؛ أما إذا كنت من الصنف الذي يتأقلم مع بعض الصخب والضوضاء فلا بأس أن تخصص لك مكانا في هذا الوسط ما دمت تشعر بالرغبة في ذلك؛ وهناك صنف ثالث لا يستطيع المراجعة والتركيز إلا فضاء مفتوح؛ كان يخرج إلى الطبيعة مثلا أو يذهب إلى المقهى.

      6.البعد ما أمكن عن المذاكرة الجماعية، مبدئيا، ولا سيما في المواد التي تطلب الحفظ كمادة الاجتماعيات مثلا؛ لأن من يلجأ للمذاكرة الجماعية مباشرة في مثل هذه المواد يفوت عن نفسه فرصة الحفظ، وقد يقع البعض في التواكل الذي ينتج عنه الغش.

7.لا تترك الفرصة للنفس لكي تحدثك بأنك غبي/ة ولا تستطيع حفظ أو استيعاب هذه المادة أو تلك. بل حاول ثم حاول وستكتشف أشياء بداخلك قد تنبهر منها!

8.كن واثقا بالله بأنه سييسر أمر الامتحان، وتسلح دوما بالدعاء وستنجح.

10.كن واثقا بقدراتك ومهاراتك، وأنك تستطيع أن تبدع في طرق الاستذكار، ومقتدر أن تكون من الفائزين.

11.خذ بالأسباب كأنها كل شئ، ثم اتركها وتوكل على الله كأنها لا شيء.

12.لا تراجع وأنت تشعر بالشرود، أو الجوع، أو بالتعب.
13.املأ الوقت الميت بالنسبة لك بما يجعلك أكثر حيوية ونشاطا: ممارسة رياضة، مشاهدة برنامج تلفزيوني، قراءة كتاب لا علاقة له بماد الدراسة، مثل كتاب تلبيس إبليس.أو كتاب الفوائد لابن القيم أو أن تقرأ شعرا أو أن تسمع لموسيقى صامتة…إلخ.

14.دبر وقتك من الآن وبادر إلى برمجة 6 ساعات يوميا خلال هذا الأسبوع ثم ارفع الإيقاع في الأسبوع المقبل حسب الاستطاعة والرغبة في الاستزادة.

15.قدم المواد الصعبة أولا على المواد السهلة. ويستحسن أن تبرمج الأولى في الفترة الصباحية، والثانية في الفترة المسائية.

توجيهات خاصة ومركزة:

1.ضرورة تقسيم المذاكرة اليومية إلى ثلاث فترات:
   ـ الفترة الأولى: تبتدئ بكرة إلى الزوال كأقصى حد، أو قبيل ذلك، حسب طبيعة التحمل والاستيعاب التي تختلف من فرد إلى آخر.
  ـ الفترة الثانية : تكون بعد تناول الوجبة الغذائية، وأخذ قسط من الراحة والقيلولة، وتمتد إلى صلاة المغرب.
  ـ الفترة الثالثة: يخصص لها ساعتان كأقصى تقدير من الليل.

2.تخصيص الفترة الصباحية للمواد المعقدة والتي تحتاج إلى حفظ وتركيز؛ مثل مادة الفيزياء وعلوم الحياة والأرض والتاريخ والجغرافيا والفلسفة…الخ.

3.أما الفترة الزوالية والليلية، فتخصص للمواد السهلة والتي لا تطلب منك جهدا فكرياكبيرا؛ مثل اللغات بجميع أنواعها.

4.قبل البدء في الحفظ يستحسن التركيز على ما يلي:
  ـ عنوان  المجزءة/ الوحدة/ المحاضرة/الدرس.
  ـ المحاور الأساسية للدرس أو المحاضرة .
  ـ أخذ صورة فوتوغرافية ذهنية لجميع ما ذكر، حصرا للذهن، وطلبا في التركيز، ورسوخ المادة التي سنستدعيها بشكلها المصور ذهنيا أثناء الامتحان.
    ـ  وضع خلاصات وأفكار في مفكرتك، أو على هامش الدرس أو المحاضرة.
5.الفهم الجيد ثم الحفظ لأهم الأفكار.

6. التركيز على المعنى العام والخطوط العريضة، ويفضل ألا تتقيد بنفس الأسلوب، ولا سيما إذا كانت المحاضرة أو الدرس مصاغا بأسلوب مشوش أو صعب المنال.

7.وأنت تقرأ وتحفظ، حاول أن تضع الأسئلة الافتراضية المتوقع طرحها من طرف الأستاذ المتخصص.

9.كن مطمئنا أن أسئلة الامتحان لن تخرج عما تحضره الآن. وتذكر دائما تلك الأسئلة التي يطرحها أساتذتك داخل الفصول الدراسية، أو في قاعات المحاضرة للنقاش، قد تؤخذ في أحيان كثيرة بعين الاعتبار لتكون من الأسئلة الكتابية في الامتحان.

10.لا تنتقل للدرس الموالي حتى تأخذ تصورا عن جميع عناصر الدرس، وتكتب من حفظك ما استوعبته، وتجيب عن الأسئلة المحتملة.

11.من الأخطاء التي يقع فيه الطلاب أنهم يبدؤون بتحليل نماذج من الامتحانات التي سبق طرحها قبل فهم الدرس. وهذا خطأ تربوي فادح؛ لأن هذه النماذج اختبارات وتقويمات، ولا يجوز تربويا البدء بالاختبار قبل القراءة والفهم، أو تقديم ما يجب تأخيره، وتأخير ما يجب تقديمه.

12.حاول أن تبرمج خلال كل فترة مادتين مختلفين حتى لا تشعر بالملل وتفقد التركيز. ثم عد في اليوم الموالي لنفس المواد حتى تنتهي من القراءة، ثم الثانية ،ثم الثالثة وهكذا دواليك.

13.خذ الوقت الكافي في القراءة الأولى للمادة، وستلاحظ في القراءات المالية سهولة في الحفظ، وقوة في الاستيعاب، وربحا في الوقت؛ فمثلا لو أخذت منك القراءة للمادة الواحدة أسبوعا فلا تنزعج من ذلك لأنك في القراءة الثانية لن تكلفك إلا خمسة أيام، والثالثة سوف لن تأخذ منك إلا ثلاثة أيام وهكذا، فكلما اقترب موعد الامتحان سيقل الهامش الزمني حتى يصل بضع ساعات، وساعة فقط، ثم دقائق. وستجد نفسك أقدر على استحضار كل محاور المادة وأنت تحتسي كوبا من الشاي، أو أنت على متن الحافلة قاصدا مؤسستك لإجراء الامتحان

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Design by Free Wordpress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Templates | تصميم : ستار ناظور